الخميس , أبريل 25 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / تراث و مجتمع / رحله الي ابريم

رحله الي ابريم

قصر ابريم

قصر ابريم

نبحر في رحلة صوب النهر العظيم ونطوي الميل وراء الاميال من الشلال – دابود  دهميت – أمبركاب – كلابشة – خور رحمة – أبو هور – مرواو – ماريا – قــــرشــــة وجرف حسين – الدكة – العلاقي – قورتة – محرقة – السيالة – مضيق شرق -مضيق غرب – السبوع – وادي العرب – المالكي – كروسكو – أبو حنضل – الديوان- الديوان – الدر – توماس – قته – ثم إبــــــريم بمسافة 235 كم جنوب أسوان .
 إبــــريم تقع علي ربوة صخرية منعزلة تشرف علي النهر ويحيط بها جبال جرداء لا تصلح لزرع ولاحرث وعلي قمة هذه الجبال كثير من مقابر أولياء الأتراك القديمة والبيوت مبنية بالحجر الرملي ومثلها السور الحديث الذي يدور حول المدينة وعلي الجانب الغربي أطلال  تخلفت من السور الأثري المبني بأحجار صغيرة منحوتة ويبدوا أن السور شيد في عصر الدولة الحديثة وفي نطاق المدينة خرائب بنأئين من الابنية العامة ولعلها كنسيتان إغريقيتان بنتا علي طراز السور القديم ويدور المرء حول الحصن لمدة تتجاوز الخمسة عشرة دقيقة بقليل وليس من الأثار القديمة سوي عمود صغير من الجرانيت الأشهب .
 وكان لإبريم حافة صخرية مشرفة علي النيل وفضلا عن أهمية إبريم أيام الكشاف والأغوات في النوبة فان الفراعنة قد بنوا في صخرة إبريم ثلاث معابد منحوتة في الجبل وعلي أرتفاع عشرة أمتار من مسوب الأرض المحيطة وقد بني أقدم هذه المعابد أيام حتشبوت والثاني أيام تحتمس الثالث الفرعون المحارب والثالث أيام رمسيس الثاني الذي ملأ النوبة بمعابده وأشهرها أبو سمبل .
كانت قلعة إبريم تسمي ( بريميس ) وها أسم روماني قديم وقد جاء ذكر هذه القلعة بريميس بأن القائد الروماني يترونيوس هاجم مدنية بســـلخيس وهي قرية الدكة وقام بالأستيلاء عليها وواصل سيره حتي مدنية بريميس وهي إبريم المدنية المحصنة وقد أجتاز الكثبان الرملية التي غلبت جيش القائد قمبز علي أمره حين أطاحت به عاصفة هوجاء وأستولي القائد الروماني علي ذلك الحصن العملاق في ذلك الوقت حتي وصل إلي نباتا داخل مملكة النوبة القديمة وبعد الأستيلاء علي حصن بريميس وضع فيها حوالي 400 جندي روماني ومعهم طعام وزاد يكفيهم لمدة عامين لحماية الحصن ثم شد الرحال إلي الأسكندرية .

إبريم التاريخية تقع في الضفة الشرقية للنيل وكانت تسمي قصر إبريم مقر حكام النوبة ولكن سكان إبريم رحلوا إلي الضفة الغربية للنيل بسبب غرق البيوت ناحية الشرق عام 1933 مع تعلية الخزان الثانية وبيوت إبريم بالغرب تكاد تكون متلاصقة ولكن أقلمن بيوت الشمال وكانت أشجار الدوم تنتشر وخلفها ضوء الغروب الجميل والبرتقالي والاحمر والأصفر ثم زرقة مياه النيل بين الأشجار وحقول الذرة الطويلة السيقان وأشجار النخيل السمة المعروفة في إبريم أضافة للجمال جمال وأكتسبت واحة إبريم وأكتست بثمار النخيل العالية والمحاصيل علي الدوام وقبل الهجرة إلي الغرب كانت إبريم فيشرق النيل مثار أعجاب كل حكام النوبة وكانت تبدأ حدودها الجنوبية من جنوب الدر وتنتهي عند توشكي ملك لأغا إبريم وهو مستقل عن أمراء النوبة في ذلك الزمان .

 وكان أهالي إبريم معفين من دفع الضرائب لهؤلاء الأمراء والأغا وأستطاعوا بمرور الزمن من تنمية مواردهم من بيع البلح عام بعد عام وكونوا ثروة طائلة من النقود والماشية فجعلت فيها نوع من الثراء ولكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن بعد حوث مذابح للماليك في القاهرة وهروب جماعات كبيرة منهم نحو الجنوب والشروع في السطو والنهب لقري النوبة حتي وصلوا إلي إبريم وأخذوا من وادي إبريم 1200 بقرة وأستولوا علي مافيها من غنم وماعز وسجنوا كبار تجار إبريم وأخذوا فدية تجاوزت مائة الف ريال أسباني ثم قاموا بأعدام الأغا حاكم حصن وقلعة إبريم قبل مغارة المدنية .
 أهل إبريم لا يفتأون في حرب مع أمراء النوبة ولكن برغم قلة عددهم أكفاء لخصومهم يقتنون الأسلحة النارية وهم بيض اللون ومازالوا يتحتفظون بملامح أجدادهم البوسنين البشناق اللذين بعثهم سليم الفاتح ليحتلوا إبريم أما عن لباسهم الجلباب المصنوع من الكتان الخشن وأغلبهم يغطي رأسه بالعمامة ولهم قاضي لحل مشاكلهم وهي وظيفة بالوارثة ويثأرون من القاتل بقتله وأذا أدي العدوان إلي الموت فلا سبيل إلي قبول دية الدم ، ومنالأشياء المميزة لديهم أذا تزوج تركي من أتراك إبريم أهدي العروسة ثوب العرس وسندا بقمية 400 قرش وينحر العريس بقرة أو عجل وأذا نحر كبشاً كان ذلك فضحية الفضائح ولذا كانت حالاتالطلاق نادرة جداً إلي الغاية وفيها يتوفر الأمان بدرجة عالية لكونهم يتركون الذرة في الحقول ليلاً أكواماً بلا حارس وماشيتهم ترعي في ضفة النهر دون راع يرعاها ومن المفارق أن معظم سكان إبريم لجأوا إلي وادي الشباك أثناء أحتياج المماليكواديهم وبيوتهم وماشيتهم.
 لقد لعب قصر إبريم دور كبير وهام في العصر الروماني وفي الحروب الطاحنة التي قامت بينهم وبين الجيش النوبي وقد أحتل أيضا السلطان سليم الأول القلعة وترك فيها حامية من جنود البوسة البشناق وهم مؤسسي قبائل إبريم ، وفي سفح الربوة العالية التي بها قلعة إبريم نقش حكام بلاد النوبة في عصر الدولة الحديثة بعض الرسومات علي الجدران تمثل ملوكهم يتعبدون إلي آلهة المنطقة والسبب في وجود هذه الهياكيل في هذا المكان لقربها من عاصمة النوبة القديمة أيان العصر الحديث ببضعة كيلومترات إلي الشمال من معام عينبة وكان حكام النوبة يشرفون منها علي شئون البلاد والجنوب ويديرون دفة الحكم ومن أجل هذا لم نعثر إلا علي مقبرة واحدة لأحد هؤلاء الحكام وهو ( بننوت ) الذي عاصر الملك رمسيس السادس في القرن الثاني عشر قبل الميلاد والذي كان نوبياً وترعرع في هذه المدنية حتي وصل علي حاكم بلاد النوبة وأختار جبانة معام عينبة لتشيد مقبرته وهي كانت من أجمل المقابر في المنطقة ولا تزال النقوش والمناظر النقوشية فوق جدرانها محتفظة بألوانها الزاهية .

المصدر : منتدي

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com